زواج الزوج بعد وفاة زوجته بأيام معدودة
الكثير من النساء والكثير من الرجال قد يستهجنون أن يتزوج رجل امرأة بعد يومين أو ثلاثة من وفاة زوجته ويتعللون إما بعدم الوفاء وإما بعدم مراعاة مشاعر الغير خاصة أهلها ومنهم أولادها إن كان لها أولاد
السؤال الذى يجب أن يسأله كل واحد أو واحدة لنفسه :
هل هذا حرام أم حلال ؟
إن كان حلال ومباح فلا معنى لاعتراض أى واحد منا لأننا بذلك نعارض حكم الله الذى يجب أن نختاره وليس أن تختار الاعتراض عليه كما قال سبحانه :
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
وأما إذا كان حراما فهناك معنى للاعتراض لأننا ساعتها تكون قد أنكرنا منكرا وقع فيه الرجل
لا يوجد نص فى الوحى يحرم على الرجل الزواج حتى ولو فى ليلة وفاة زوجته ومن ثم لا معنى للاعتراض
المرأة المؤمنة ترضى بقضاء الله وهناك روايات تبين أن أحدى الصحابيات وهى سبيعة الأسلمية طلبت الزواج ذلك عقب وفاة زوجها وولادتها بعد وفاته وقد رواها البخارى ومسلم وهى :
"حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ: يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا ، وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ. فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا ، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ ، تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ، قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي ، وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي"
إذا لا حياء ولا اتهام بعدم الوفاء ولا عدم مراعاة لمشاعر الغير فالمرأة المؤمنة والرجل المؤمن كلاهما مطالبان بالخضوع لأحكام الله وهناك روايات قد يستهجنها الكثيرون وهى أن توافق المرأة زوجها على الجماع وابنهما ميت بعد أن أخفت الخبر عنه وقد روى الحكاية البخارى فى كتابه حيث قال:
"اشْتَكَى ابْنٌ لأبِي طَلْحَةَ، قالَ: فَمَاتَ، وأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ، فَلَمَّا رَأَتِ امْرَأَتُهُ أنَّهُ قدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شيئًا، ونَحَّتْهُ في جَانِبِ البَيْتِ، فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قالَ: كيفَ الغُلَامُ، قالَتْ: قدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ، وأَرْجُو أَنْ يَكونَ قَدِ اسْتَرَاحَ، وظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أنَّهَا صَادِقَةٌ، قالَ: فَبَاتَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أنَّهُ قدْ مَاتَ، فَصَلَّى مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما كانَ منهمَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُما في لَيْلَتِكُما قالَ سُفْيَانُ: فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لهما تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قدْ قَرَأَ القُرْآنَ."
وقد لا تعرف بعض النساء أن من حقها إن كانت قد ولدت بعد الطلاق أو ليلة الطلاق أن من حقها أن تتزوج اليوم التالى ومثلها المطلقة دون دخول فليس عليها عدة كما قال سبحانه:
"يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا"
وكان حكم زواج الأرملة من قبل حكم العدة هو :
أن زوجها إن لم يترك مال يكفيها حول أى سنة أن من حقها الزواج فى أى وقت دون عدة وفى هذا قال سبحانه:
"والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف"
وهذا يعنى أن الحكم كان متعلقا بوجود مال للنفقة أم لا لأن المرأة لن تجلس لتموت جوعا فى بيت الرجل الميت الذى ليس لديه مال ومن ثم أن تتزوج خيرا لها لتجد رجلا ينفق عليها أفضل لها من كل النواحى
بقيت كلمة من أجل الحقيقة وهى :
أن كل رجل لديه ظن أن بعض النساء أفضل له من زوجته وأنه لو تزوجها فستسعدها سعادة ما بعدها سعادة ونفس الظن لدى كل امرأة فهى تظن أنها لو طلقت أو ترملت وتزوجها فلان فسوف يجعلها أسعد زوجة فى العالم
هذا الظن وهم ورجلنا الجزائرى كان لديه نفس الوهم ومن ثم فقد قرر الإسراع بالزواج بعد الوفاة لعله يجد سعادته ولكن الأيام ستريه أن هند كأم سعد أو على حد قول المثل القرعة كأم الشعور فالمسألة هى مسألة وقت فقط لكى يدرك الرجل أن النساء سواء كما أن الرجال سواء وأن الزواج ما هو إلا اختبار من الله لنا يحمل الخير والشر معا فلا وجود لسعادة زوجية مستمرة وإنما هى لحظات من هذا ولحظات من ذلك
بالطبع لا تدرك الحقيقة إلا بعد التجربة وبعض الجهلاء يظن أن الرسول(ص) كان رجل شهوانى رجل قمة فى السعادة من خلال كثرة زوجاته ولكن القرآن يخبرنا أن كلهن كن مصدر للمشاكل كل واحدة فى بعض الأوقات ولذا أصدر الله حكما أنه حر فى التصرف معهن حسب معاملة كل واحد فمن أغضبته له أن يبعدها عنها وله أن يعيدها فى حالة أن ترضيه وفى هذا قال سبحانه:
"ترجى من تشاء منهن وتؤى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما أتيتهن كلهن والله يعلم ما فى قلوبكم"
بالطبع هذا الحكم كان خاص به وكان لابد منه فالرجل لم يكن لديه وقت فراغ ففى كل لحظات حياته كان إما يعلم الناس أى يقضى بينهما أو يجاهد أو يصلى أو يفعل طاعة من الطاعات الأخرى ولو انشغل بمشاكل النساء لن يكون لديه وقت للمسلمين ودولتهم الناشئة