خرافة التخاطر
عرف البعض التخاطر حيث قال :
" التخاطر عبارة عن نوع من الاتصال العقلي عند البشر بصورة غير مادية ملموسة بين شخصين بحيث يستقبل كل منهما رسالة الآخر العقلية في نفس الوقت الذي يرسلها إليه الآخر مهما بعدت أماكن تواجدهما وبعبارة أبسط، فالتخاطر يعني معرفة أى شخص منهما بما يدور في رأس الآخر"
وهذا التعريف يبين أن التخاطر وهو معرفة كل واحد ما يدور في نفس الآخر دون اتصال كلامى أو جسدى بالإشارة هو خرافة فلا أحد يعلم ما في نفس الأخر سوى الله كما قال الله على لسان عيسى(ًص):
"تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك"
فالوحيد العالم بما يدور في النفوس وهى الصدور أى القلوب هو الله كما قال سبحانه :
" ونعلم ما توسوس إليه نفسه "
وقد حاول المؤمنون بالخرافة التماس شىء يثبتها فقالوا :
"أسس التخاطر العلمية
"أثبت العلم الحديث نشاطات عديدة لجسم الإنسان لم تكن معلومة لدينا في الماضي القريب، ومن هذه النشاطات الأثر الكهرومغناطيسي للنشاط الكهربي لعقل الإنسان.
نعم فإن خلايا المخ عند الإنسان والتي تعد بالملايين تقوم بعدة مهام عن طريق إرسال الإشارات الكهربية فيما بينها، وهذه الإشارات الكهربية بدورها تكون بمثابة الأمر المرسل من مراكز المخ المختلفة المسئولة عن تحريك الأعضاء والإحساس والقيام بتوصيل المعلومات من الحواس إلى مراكز المخ والعكس، فتقوم بتوصيل الأوامر من المخ إلى الأعضاء من خلال الأعصاب والأمر كذلك يمكن تمثيله بجهاز يقوم بإرسال إشارات كهرومغناطيسية لها مدلول معين يقوم جهاز آخر باستقبال هذه الإشارات وحل شفرتها ومعرفة مدلولها."
والكلام السابق لا يتحدث عن اتصال شخصين دون وسيلة اتصال وإنما يتحدث عن رسائل جسمية داخل جسم فرد واحد وهو قولهم " والقيام بتوصيل المعلومات من الحواس إلى مراكز المخ والعكس، فتقوم بتوصيل الأوامر من المخ إلى الأعضاء من خلال الأعصاب"
والكلام السابق ليس فيه أى دليل علمى تجريبى يثبت تلك الخرافة وكعادة المضلين يخترعون حكايات وينسبونها للرسل (ص) أو للصحابة لاثبات كذبهم ومن تلك الحكايات :
"أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان له جيش يقاتل المشركين على رأسهم قائد يسمى (سارية) .. وقف عمر ليخطب خطبة الجمعة في المسجد، ولكنه قطع خطبته وصرخ بأعلى صوته: (ياسارية .. إلزم الجبل) فسمع سارية الصوت في بلاد فارس وهو يبعد مئات الأميال عن المدينة والتزم بالجملة فانتصر "
والحكاية هى حكاية كاذبة افتراها المضلون لأنها آية معجزة وقد منع الله الآيات وهى المعجزات في عهد الرسول(ص) حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والمضلون ملئوا كتب التراث بأمثال تلك الحكايات مثل :
أن أحدهم تلقى الرسالة من نفس ميت حيث قال له:
ابنى لى مقام في المكان الفلانى
والتخاطر يختلف عن أمر أخر يسمونه توارد الخواطر وهو :
أن معنى ما يرد في كلام أفراد عديدين رغم اختلاف عصور حياتهم ومن ثم يقولون نفس الكلام في نفس المواضيع وهو ما قصه الله علينا من أن كل قوم اتهموا رسولهم بتهمة الجنون والسحر وفى هذا قال سبحانه :
"كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون"
كما بين أن الأقوام رددت مقولات متشابهة مثل
لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية
وفى هذا قال سبحانه :
"وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون"
وقد فطن الشعراء والكتاب إلى أنهم يقولون مثل ما قالوا فقال أحدهم :
ما أرانا نقولُ إلا رَجيعاً
ومعاداً من قولنا مكرورا
وقال :
هل غادر الشعراء من مُتَرَنَّم
أم هل عرفت الدار بعد توهُّمِ