مراجعة لمقال لغة العيون
المقال من كتاب حتى لا تكون كلا وكاتبه هو عوض القرني وقد ابتدأ الكاتب بذكر آية في دلالة العيون على الخوف حيث قال :
قال تعالى ( فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت)
وثنى بذكر أشعار تدل على أن العيون تظهر المشاعر المختلفة حيث قال:
"وقال الشاعر:
إن العيون لتبدي في نواظرها......... ما في القلوب من البغضاء والإحن
وقال الآخر:
العين تبدي الذي في قلب صاحبها ............من الشناءة أو حب إذا كانا
إن البغيض له عين يصدقها ..........لا يستطيع لما في القلب كتمانا
فالعين تنطق والأفواه صامتة ....... حتى ترى من صميم القلب تبيانا"
وخلص الكاتب إلى أن العيون تعبر عما في الداخل حيث قال :
"نعم إن العيون ليست وسيلة فقط لرؤية الخارج بل هي وسيلة بليغة للتعبير عما في الداخل أي ما في النفوس والقلوب ونقله للخارج ."
وقسم النظرات حيث قال :
"فهناك النظرات القلقة المضطربة وغيرها المستغيثة المهزومة المستسلمة ، وأخرى حاقدة ثائرة ، وأخرى ساخرة ، وأخرى مصممة ، وأخرى سارحة لا مبالية ، وأخرى مستفهمة وأخرى محبة ، وهكذا تتعدد النظرات المعبرة وقد سمى القرآن بعض النظرات ( خائنة الأعين) ."
وتناول استعمال الإنسان لتلك اللغة في التعامل حيث قال:
"والإنسان في تعامله مع لغة العيون يتعامل معها كوسيلة تعبير عما في نفسه للآخرين ، وكذا يتعامل معها كوسيلة لفهم ما في نفوس الآخرين ."
والتعليق على كلام الكاتب هو أن الحقيقة أن العيون لا تعبر دوما عما في النفس فالبعض من بنى الإنسان لا يظهر مشاعره من خلال العيون أو الكلام أو غيره وهو من عبروا عنه بالقول :
لا يطرف له جفن
فهذا الإنسان يرى المصائب والكوارث ولا يعيرها أى التفات وكأنها شىء تعود عليها ولم يعد
وبين الله أن أولاد يعقوب (ص) استعملوا العيون في الكذب من خلال دموعهم على أخيهم فقال سبحانه :
" وجاءوا آباهم عشاء يبكون"
ومن ثم فالعيون قد تكذب في التعبير الظاهرى كما يكذب الإنسان باللسان وغيره ومن هنا جاء المثل المعروف :
يقتل الإنسان ويمشى في جنازته
وذكر الكاتب إرشادات لنا في استعمال العيون حيث قال :
"التعبير الأمثل بالعيون :
إذا أردت إيصال مرادك بعينيك فاحرص على الأمور الآتية :
أن تكون عيناك مرتاحتين أثناء الكلام مما يشعر الآخر بالاطمئنان إليك والثقة في سلامة موقفك وصحة أفكارك .
تحدث إليه ورأسك مرتفع إلى الأعلى ، لأن طأطأة الرأس أثناء الحديث ، يشعر بالهزيمة والضعف والخور .
لا تنظر بعيدا عن المتحدث أو تثبت نظرك في السماء أو الأرض أثناء الحديث ، لأن ذلك يشعر باللامبالاة بمن تتحدث معه أو بعدم الاهتمام بالموضوع الذي تتحدث فيه .
لا تطيل التحديق بشكل محرج فيمن تتحدث معه .
أحذر من كثرة الرمش بعينيك أثناء الحديث ، لأن هذا يشعر بالقلق واضطراب .
ابتعد عن لبس النظارات القاتمة أثناء الحديث مع غيرك ، لأن ذلك يعيق بناء الثقة بينك وبينه .
أحذر من النظرات الساخرة الباهتة إلى من يتحدث إليك أو تتحدث معه ، لأن ذلك ينسف جسور التفاهم والثقة بينك وبينه ، ولا يشجعه على الاستمرار في التواصل معك ورب نظرة أورثت حسرة ."
وهذه الارشادات التى ذكرها الكاتب غير ملزمة للمسلم بل بعضها يتعارض مع الإسلام فليس مطلوب من المسلم أن ينظر للنساء عند الكلام معهن وليس مطلوبا من المرأة أن تنظر للرجل عند الكلام معه لقوله سبحانه:
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم"
" وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن"
وليس مطلوبا النظر للفرد أو لاتجاهه فالتعامل يكون بالكلام وبقضاء الحاجات فهناك أفراد لا يحبون النظر للآخرين وهناك أفراد مصابون بكثرة الرمش
فالمطلوب التعامل بالحسنى كما قال سبحانه :
" وقولوا للناس حسنا"
وقال:
" وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم"
وتحدث عن فهم ما يريد الناس بالعيون حيث قال :
"كيف تفهم ما في نفوس الآخرين من خلال نظرات عيونهم ؟.
لقد قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول إلى معرفة دلالات حركات العيون عما في النفوس ، ورحم الله ابن القيم الذي قال :
إن العيون مغاريف القلوب بها يعرف ما في القلوب وإن لم يتكلم صاحبها .
وكان مما وصلوا إليه كما ذكر محمد التكريتي في كتابه ( آفاق بلا حدود )
النظر أثناء الكلام إلى جهة الأعلى لليسار: يعني أن الإنسان يعبر عن صور داخلية في الذاكرة ،
وإن كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين للأعلى فهو ينشئ صورا داخلية ويركبها ولم يسبق له أن رآها
أما إن كانت عيناه تتجهان لجهة اليسار مباشرة فهو ينشي كلاما لم يسبق أن سمعه
، وإن نظر لجهة اليمين للأسفل فهو يتحدث عن إحساس داخلي ومشاعر داخلية
وإن نظر لجهة اليسار من الأسفل فهو يستمتع إلى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلا .
هذا في حالة الإنسان العادي ، أما الإنسان الأعسر فهو عكس ما ذكرنا تماما .
وبناء على هذه المعلومات يمكنك أن تحدد كمن أي الأنماط يتحدث الإنسان وهو يتحدث معك بل ويمكنك عند قراءة قصيدة أو قطعة نثرية أن تحدد النمط الذي كان يعيشه صاحبها عند إعداده لها هل هو النمط السمعي أو الصوري من الذاكرة أو مما ينشئه أو من الأحاسيس الداخلية ، وذلك من خلال تأمل كلامه وتصنيفه في أحد الأصناف السابقة ."
والكلام الذى ذكره الكاتب لا علاقة له بعلم النفس ولا بأى شىء فهو كلام عام لا دليل عليه فلكى تثبت شىء يجب أن تكون التجربة شاملة للبشرية الميتة والحية والقادمة وهو أمر محال لمعرفة هل ينطبق ما قيل عن الجميع أم لا
وما يجريه علماء النفس في الغرب والشرق هو ما يسمى تجربة العينة عشرات أو مئات أو حتى عدة آلاف من مليارات البشر وصاحب العينة يعمم الحكم على البشرية كلها بدلا من أن يذكر أن هذا خاص بالأفراد الذين أجريت عليهم التجارب مع العلم أن كثير من التجارب هى تجارب كاذبة لا تجرى وإنما يملأ الباحث الاستمارات ويذكر الملاحظات المزعومة دون أن يكون هناك أى شىء
وحكاية أن النظر إلى أعلى كالنظر للنبى(ص) قد لا يكون له معنى عند الناظرين فالمنافقون عندما كانوا ينظرون للنبى(ص) فهم كانوا لا يرونه بمعنى لا يسمعون كلامه فيطيعونه كما قال سبحانه:
"وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون"
وذكر الله اختلاف النظرات عند الخوف من الموت بين بعض المؤمنين وبين المنافقين فقال :
"وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك فى الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون"
فالمؤمنون هنا لم تدر أعينهم كالمغمى عليه بينما دارت أعين المنافقين مع أن الحالة واحدة وهى الخوف حيث قال :
"فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت"
وقال :
"فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين فى قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت"