مقياس النصر والهزيمة
مقاييس النصر والهزيمة مختلفة فى الحروب فالبعض يعتبر أن عدد القتلى من الطرفين هو المقياس فمن قتل منه أكثر يكون هو المهزوم ومن قتل منه أقل هو المنتصر والبعض يرى أن العبرة ليست بعدد القتلى أو الجرحى ولا الخسائر المادية ولكن العبرة بالاستيلاء على الأرض والبعض يرى أن الحفاظ على الأرض مع الخسائر فى مختلف المجالات هو نصر
ومن ثم لا يوجد مقياس واحد للنصر وفى كتاب الله نجد :
ان فتح مكة لم يكن فيه أى خسائر لا مادية ولا بشرية للطرفين ولكن تم الاستيلاء على الأرض ومع هذا جعله الله نصرا وفتحا حيث قال :
"إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا"
وفى عدم وجود قتال بين الطرفين قال سبحانه :
"وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم"
ومثلا معركة أو غزوة الأحزاب لم يكن فيها قتال ولا خسائر قتالية ومع هذا سميت نصرا كما قال سبحانه :
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا"
وقال :
"ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا"
فنصر الأحزاب هو أن المسلمين حافظوا على أرضهم لم يدخلها العدو بفضل الله
واعتبر الله عدد القتلى فى بدر دليل نصر المؤمنين حيث قال :
"ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون"
حيث قطع الله بعضا من الكفار وعادوا خائبين أى منهزمين كما قال فى قصة قتال بدر :
"ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين"
كما قال :
"أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها"
وفى موقعة أحد التى اعتبرها البعض هزيمة بين الله أن الكفة كانت متعادلة قرح مقابل قرح حيث قال :
"إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله "
والمقصود أن عدد الخسائر بين الفريقين كان متماثلا ففى البداية حسا أى قتل المسلمون من الكفار بأمر الله حيث قال :
"ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه"
ولكن عندما اختلفوا وتنازعوا قتل الكفار منهم كما قال فى بقية الآية :
"حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الأخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم"
ومن ثم مقاييس النصر قد تختلف من معركة إلى أخرى فقد تكون الاستيلاء على الأرض دون نظر للخسائر وقد تكون الحفاظ على الأرض فلا يستولى عليها العدو وقد تكون بعدد القتلى والجرحى والغنائم
وقد بين الله أن النصر فى أى معركة هو :
عدم الوهن بسبب الخسائر وإنما هو مواصلة القتال بقوة حتى ينتصر الحق على الباطل وهو قوله حيث قال :
"وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين"
ومن ثم من يعتبر الحرب الأخيرة فى غزة هزيمة نظرا لكثرة القتلى والجرحى فى صفوف أهل غزة مخطىء فالقتلى والجرحى معظمهم مدنيون وفى الحروب البشرية المقياس البشرى هو :
عدد قتلى وجرحى العسكريين وليس المدنيين
وأيضا الحفاظ على الأرض من خلال طرد العدو منها وإلحاق الخسائر بعتاده وجنوده