الدعاء فى كتاب الله
معانى الدعاء فى القرآن:
1- آيات الوحى وهو كلام الله فالدعاء يعنى آيات القرآن التى تتلى عليهم ومن الآيات التى ذكر فيها هذا المعنى قوله فى سورة الأنبياء "ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون "وقوله فى سورة الأعراف "وإن تدعوهم إلى الهدى لا يتبعوكم ".
2- الكلام والمقصود القول الذى يظهر به الإنسان طاعته لله فمعنى دعواهم كلامهم أى قولهم ومن الآيات التى ذكرت فيها اللفظة بهذا المعنى قوله فى سورة يونس "دعواهم فيها سبحانك اللهم".
3- -العبادة وهو اتباع معبود سيان كان الله أو سواه فتدعون تعنى تعبدون التى معناها تتبعون أى تطيعون ومن قوله فى سورة الأعراف "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم "وقوله "والذين تدعونه من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون ".
4- مخاطبة الله وهو النداء فدعا تعنى خاطب أى نادى ومن الآيات التى ذكر فيها بهذا المعنى قوله سبحانه فى سورة القمر "فدعا ربه أنى مغلوب فانتصر "وقوله فى سورة الأعراف "فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين "
كلمات قرآنية لها نفس معنى الدعاء :
إن المعنى المقصود للفظة الدعاء فى القرآن هى الطلب وهو طلب الفرد من الله شىء ما وهذا المعنى ذكره الله فى القرآن بألفاظ عدة هى :
-الخطاب وهو النداء أى المناجاة لطلب شىء ما كما فى قوله فى سورة الأنبياء "وزكريا إذ نادى ربه "و"وأيوب إذ نادى ربه ".
-السؤال وهو طلب شىء كما بقوله فى سورة إبراهيم "وأتاكم من كل ما سألتموه "وقوله فى سورة طه"قد أوتيت سؤلك يا موسى "ومما ينبغى قوله أن الدعاء نداء لأنه يخاطب شىء- ليس كالأشياء- هو الله والدعاء سؤال لأنه طلب لشىء من الله .
-الاستغاثة وهى النداء الطلبى كما بقوله فى سورة الأنفال "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم ".
-ذكر الله وهو سؤال الشىء من الله أى طلب شىء من الرب كما بقوله فى سورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ".
اجابة الدعاء :
من الاعتقادات الشائعة الاعتقاد بأن معنى كلمة الإجابة وهى الاستجابة تنفيذ الله لطلب الداعى لله واللفظ له معانى هى :
- الجزاء وهو الإثابة كما بقوله فى سورة البقرة "أجيب دعوة الداع إذا دعان "أى أثيب اتباع المتبع إذا أطاعنى .
-القبول وهو تنفيذ طلب الداعى كما بقوله فى سورة الأنبياء "فاستجبنا له "أى فتقبلنا طلبه "ويوجد معانى أخرى للكلمة فى القرآن لا تتصل بموضوع الدعاء سوى كون الدعاء معنى منها والمقصود الطاعات فالدعاء طاعة وبناء على ذلك فالدعاء على نوعين مقبول وهو المجاب والمرفوض وهو الذى لا ينفذه الله لأنه لم يقدره من قبل فى كتاب القدر
رد الله على الدعاء :
رد الله على الدعاء يتخذ صورتين :
الأولى رفض الدعاء ويعنى عدم تنفيذ ما طلبه الداعى وهو منع المطلوب عمن طلبه
الثانى قبول الدعاء ويعنى تنفيذ ما طلبه الداعى كما قال فى سورة الأنعام "فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ".
وقد ذكر الله لنا الصورتين فى مكان واحد من القرآن هو قصة ابنى آدم(ص) فكل واحد منهما قرب إلى الله قربانا ودعا الله بما يطلبه فكانت النتيجة أن الله قبل دعاء واحد ورفض دعاء الثانى وفى هذا قال سبحانه فى سورة المائدة "واتل عليهم نبأ ابنى أدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر ".
أسباب رفض بعض الأدعية :
إن أسباب رفض بعض الأدعية هى :
الأول سؤال المحرم أى طلب المحرمات التى نسى الداعى أنه لا يمكن تحققها وهو السؤال عن ما ليس للإنسان به علم فقال فى سورة هود"فلا تسألن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين "وكان نوح(ص)قد طلب من الله طلبا محرما هو إدخال ابنه الجنة رغم أنه كافر وفى ذلك قال فى سورة هود على لسان نوح(ص)"ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ومن تلك المحرمات المستحيلات المقصود طلب أشياء ممنوعة ومنها إنقاص العمر وزيادته ومشاهدة الملائكة والرب
الثانى السؤال وهو طلب حكم الأمور التى تحزن الناس وتغمهم وقد نهى الله عن السؤال عن تلك الأمور فقال فى سورة المائدة "يا أيها الذين أمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "
ويجمع الكل أن الله لم يقدر فى القدر أن يجيب تلك الأمور سواء كانت محالات أو ممكنات فالإجابة تكون هى المكتوب فى القدر والمرفوض المردود الذى لم يكتب الله حدوثه
أنواع الدعاء :
إن الدعاء له صور والمقصود أنواع حسب درجة الصوت هى :
الأول الدعاء الخفى وهو كلام يدور فى النفس دون نطق القول باللسان ومن الآيات الذى ذكرت فيها هذه الصورة قوله فى سورة الأنعام"تدعونه تضرعا وخفية ".
2-دعاء الضراعة وهو الدعاء المجهور به والمراد الذى ينطقه اللسان والبرهان على وجوده هو قوله فى سورة الأنعام "تدعونه تضرعا وخفية "
وقد أمرنا الله الناس بالصورتين فى قوله فى سورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول "
ففى الآية طلب الله منا ذكره فى النفس تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول والمقصود أن نطلب منه فى السر و فى العلن والعلن المقصود به عدم رفع الصوت رفعا محرما وإنما هو صوت خفيض والبرهان أن الكفار هم الذين يدعون الله تضرعا أى جهرا وخفاء بدليل قوله فى سورة الأنعام "قل من ينجيكم كم ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية "
والبرهان الأخرأن زكريا (ص)دعا الله خفية أى فى نفسه بدليل قوله فى سورة مريم "إذا نادى ربه نداء خفيا "
الدعاء فى كل وقت مباح:
الدعاء ليس له توقيت معين وإنما كل وقت يعيشه الإنسان صالح كى يدعو الإنسان فيه والبرهان هو أمر الله لنبيه (ص) أن يذكره أى يدعوه فى نفسه سواء كان ذلك فى الغدو وهو كل نهار أو فى الأصال وهى كل ليلة وفى هذا قال سبحانه فى سورة الأعراف "واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والأصال " .
السحر ودعاء الاستغفار :
اختص المؤمنون وقت معين من اليوم لنوع معين من الدعاء وهو السحر وهو الليل والنوع الدعائى المخصوص هو الاستغفار أى طلب المغفرة من الله والمقصود طلب العفووهو الرحمة من الله كى يترك مجازاتنا وهوعقابنا على ما عملناه من الذنوب وللاستغفار عبارات متعددة منها : اعفو عنا وارحمنا ،اغفر لنا ،تب علينا ،اصفح عنا،واسترنا وهذا هو ما ورد فى قوله سبحانه فى سورة الذاريات "وبالأسحار هم يستغفرون " وقوله فى سورة آل عمران "الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار "
والاستغفار مقبول فى كل وقت وليس وقت السحر ما دام القلب خالص لله.
الاستغفار للكفار :
من الخطايا وهى الذنوب التى وقع فيها الناس الخطية التالية:
الاستغفار للكفار والمراد طلب الغفران للكفار وعلى وجه الخصوص الأقارب وهو أمر يقع من المؤمن ين بسبب الصراع النفسى حيث ترفض النفس أن يكون القريب كالأم أو الابن أو البنت أو الأخ فى النار وكذلك ترفض النفس أن وجود الصاحب الكافر فى النار وهذا الرفض يجعل الإنسان يتخيل أن الدعاء قد ينفع القريب أو الصديق فيجعل الله يدخل الجنة بدلا من النار وقد أورد الله لنا عدة حوادث تظهر هذه الخطيئة :
الأولى طلب نوح (ص) إدخال ابنه الكافر الجنة رغم كفره بسبب ظنه الخاطىء للفظة الأهل فى قوله فى سورة هود"وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن أمن "فقد فهمها خطأ بأن الأهل هم الأقارب بينما المراد بها المؤمنين ولذا أظهر الله لنوح (ص)أن ولده ليس من أهله أى ليس من قومه المؤمنين وفى هذا قال بنفس السورة "يا نوح إنه ليس من أهلك "ونهاه عن هذا الأمر فقال فى سورة هود"فلا تسئلن ما ليس لك به علم إنى أعظك أن تكون من الجاهلين "ولما عرف نوح(ص) أن طلبه خطيئة طلب من الله ان يغفر له حتى لا يثبح خاسرا وفى هذا قال سبحانه فى سورة هود"قال رب إنى أعوذ بك أن أسألك ما ليس لى به علم وإلا تغفر لى وترحمنى أكن من الخاسرين ".
الثانية إن إبراهيم (ص)طلب إدخال أبيه الجنة رغم علمه بكفره باستغفاره له وقد ذكر فى عدة سور منها قوله فى سورة مريم "قال سلام عليك سأستغفر لك ربى إنه كان بى حفيا "وهذا الاستغفار كان خطيئة من إبراهيم (ص) سببها كما قص الله علينا أنه وعد أبيه بالاستغفار فحقق وعده بالاستغفار له ولذا قال سبحانه فى سورة التوبة "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه "ولكن لما علم إبراهيم (ص)الحكم وهو أن أباه عدو لله تبرأ منه وفى هذا قال بنفس الآية "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ".
الثالثة أن الرسول (ص)والمؤمنين طلبوا المغفرة للمشركين وقد نهاهم الله مبينا لهم أن هذه خطيئة لا يجب فعلها حتى لو كان الكفار أقارب لأن الكفارهم أصحاب النار وفى هذا قال سبحانه فى سورة التوبة "ما كان للنبى والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب النار "
الرابعة الاستغفار للمنافقين ووضح الله للمؤمنين أن استغفارهم للمنافقين أو عدمه لا يغير من حكمه وهو عدم الغفران للكفار وفى هذا قال فى سورة التوبة "استغفر لهم أو لا تستغفر إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله " .
هل توجد أدعية للحفظ من الفقر والمرض وغيره؟
بعض الناس يروجون لقول خاطىء وهو وجود أدعية تحفظ الإنسان من الفقر أو المرض او غير ذلك من المصائب مثل التالى:
" اللَّهمَّ عافِني في بدَني اللَّهمَّ عافِني في سمعي اللَّهمَّ عافِني في بصري لا إلهَ إلَّا أنت، اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ منَ الكُفْرِ والفقرِ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ من عذابِ القبرِ لا إلهَ إلَّا أنت"
ومثل:
"اللهمَّ مالكَ الملكِ تُؤتي الملكَ مَن تشاءُ، وتنزعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتُعِزُّ مَن تشاءُ، وتذِلُّ مَن تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنك على كلِّ شيءٍ قديرٌ . رحمنُ الدنيا والآخرةِ ورحيمُهما، تعطيهما من تشاءُ، وتمنعُ منهما من تشاءُ، ارحمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ مَن سواك"
لا يحفظ الله الإنسان أيا كان حتى رسله (ص) من المصائب فقد مرض أيوب (ص) ومات أولاده جميعا كما قال تعالى :
"وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين"
ويعقوب (ص) أصيب بالعمى كما قال تعالى :
""وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم"
ثم شفاه الله كما قال :
"فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا"
وموسى(ص)أصابه الفقر حتى قال داعيا الله كما قص الله علينا:
"رب إنى لما أنزلت على من خير فقير"
والنبى محمد (ص) أصابه الله هو والذين آمنوا معه بالجوع والخوف ونقص الأموال فقال:
"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات"
ومن المعروف تاريخيا أن النبى(ص) مرض عدة مرات فهل كان النبى(ص) الذين ينسبون له زورا تلك الأدعية يجهل تلك الأدعية ومن ثم لم يحمى(يحم) نفسه مما أصابه من أضرار؟
أنواع الدعاء والأخرين:
الأدعية على نوعين فى حالة كون الداعى يدعو للغير :
الأول الدعاء على والمقصود به طلب الضرر لفرد أو لجماعة معينة ومن هذا الدعاء قول نوح (ص)الذى قصه الله علينا فى سورة نوح:
"رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا"
وقوله سبحانه على لسان الكفرة الضعاف فى سورة ص:
"قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا فى النار "
وقوله سبحانه على لسان الكفار الضعاف فى سورة الأعراف "ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار "
2-الدعاء لـ والمقصود طلب النفع لفرد أو لجماعة معينة ومن الدعاء للأخرين قوله تعالى على لسان إبراهيم(ص) فى سورة إبراهيم :
"ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب "
وقوله على لسان إبراهيم(ص) فى سورة البقرة "رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات ".
أنواع الدعاء النفسى :
الأدعية على نوعين فى حالة كون الداعى يدعو لنفسه :
الأول الدعاء على نفسه والمقصود طلب الضرر للنفس مثل قوله سبحانه على لسان الكفار فى سورة الأنفال "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم "فهنا الكفار يطلبون الله نزول الضرر وهو العقاب عليهم إذا كان القرآن هو الحق من الله .
الثانى الدعاء للنفس والمقصود طلب النفع للنفس مثل قوله على لسان أيوب(ص) فى سورة الأنبياء "وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين "
وقوله على لسان يونس (ص)فى نفس السورة "فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين "
الدعاء فى الدنيا وفى الآخرة :
يوجد الدعاء فى الدنيا والأخرة ولذا فالأدعية نوعين :
الأول الأدعية الدنيوية ومن أقسامها :
-طلب البقاء على الإسلام كقوله سبحانه "ربنا واجعلنا مؤمن ين لك ومن ذريتنا أمة مؤمنة لك"
-طلب الغفران والرحمة كقوله سبحانه "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"
-طلب اللعنة والعذاب كقوله سبحانه" فلعنة الله على الكافرين "
وكقوله سبحانه "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ".
-طلب الرزق كقوله سبحانه"قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وأية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين"و كقوله سبحانه:"رب اجعل هذا البلد أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن منهم بالله واليوم الأخر"
- طلب الذرية والزوجات كقوله سبحانه" ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما"وكقوله "وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ".
-طلب منع الرزق كقوله سبحانه "وقال موسى ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم" والمقصود واطمس على أموالهم"
-طلب الشفاء كقوله سبحانه "رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى"
-طلب الأذى للنفس كقوله سبحانه"رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه "
-طلب الحكم فى مسألة وهو طلب إجابات الأسئلة كقوله سبحانه "رب أرنى كيف تحى الموتى "..
الثانى الأدعية الأخروية ومن أقسامها :
طلب تخفيف العذاب كقوله سبحانه "وقال الذين فى النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب"
طلب تزويد العذاب ضعفا كقوله سبحانه "ربنا آتهم ضعفين من العذاب "
طلب العودة للدنيا كقوله سبحانه "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزى كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل" والمقصود قولهم" أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل"
والسبب فى اختلاف الطلبات بين النوعين هو اختلاف نوعية الدار من حيث الموجود فيهما فالدار الدنيا دار ابتلاء والدار الأخرة دار جزاء أى ثواب وعقاب ولذا كان لابد من اختلاف الطلبات اختلافا جزئيا وليس كليا فالطلبات بعضها متشترك بين الدارين وهو كطلب الرحمة وكطلب العذاب وإن كان فى داخل هذه الطلبات نفسها اختلاف فى الدنيا والأخرة.
استغفار المؤمن للمؤمن :
إن من واجبات المؤمن دعاء الاستغفار لأخيه المؤمن وقد فرض الله على رسوله (ص)أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات فقال فى سورة محمد"واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات "
وقال فى سورة آل عمران :
"فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم"
وقال فى سورة النساء:
"ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما"
وقال فى سورة النور:
"فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فإذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم"
وقال فى سورة الممتحنة:
"واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم"
ونتيجة الاستغفار هى الغفران والرحمة
وعبر عن ذلك بوجوب صلاته أى استغفاره لهم وفى ذلك قال فى سورة التوبة "وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم "
وقد فرض الله على المؤمن ين الصلاة والسلام على النبى (ص)وهو الاستغفار له فقال فى سورة الأحزاب "يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "
فنتيجة الصلاة والسلام هى الرحمة أى السلام
ودعاء المؤمن مباح كما طلب الأسباط(ص) من أبيهم يعقوب(ص)الاستغفار لهم وفى هذا قال سبحانه فى سورة يوسف:
"قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين قال سوف استغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم"
والملائكة وهم مؤمن ون يستغفرون للمؤمنين وهم المؤمن ين كما قال سبحانه فى سورة غافر:
"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا"
وإذا كان الاستغفار هو واجب على المؤمن تجاه المؤمن ين فإن الدعاء الذى يطالب بغير الغفران مثل طلب الشفاء وطلب الرزق للمؤمن ين الأخرين شىء فاضل بمعنى أنه ليس فرض ولكنه شىء إن فعل فهو أفضل حيث ينال الداعى الثواب بينما لو لم يدعو لن ينال شىء .
الدعاء وأنواع الخلق الأخرى :
الدعاء ليس مقصورا على بنى آدم(ص) وتفعله الأنواع الأخرى غير البشر نظرا لحاجتها إلى الله أو لأن الله أمرها بذلك وقد بين القرآن الآتى فى الموضوع:
أن الملائكة منهم من يحملون العرش ومن يقيمون حوله ويقوم بالتسبيح بحمد الله وكلهم يؤمنون بالله ويطلبون الغفران للمؤمنين وفى هذا قال سبحانه فى سورة غافر "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين أمنوا "
وغير الله عن استغفار النلائكة بأنهم يصون على المؤمنين فقال فى سورة الأحزاب "هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور ".
وقد وردت عدة أدعية للملائكة فى القرآن تدعو للمؤمنين بكل خير منها:
قوله فى سورة غافر "ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من أبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم "
وقوله فى سورة الرعد "سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ".
وقوله فى سورة غافر "ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم "
أدعية المؤمنين فى كتاب الله :
المؤمنين أدعيتهم فى كتاب الله على نوعين :
الأول أدعية جماعية وهى التى قالها المؤمنون معا ومن أمثلتها:
قولهم فى سورة البقرة "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعفو عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين "وقوله "ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مؤمن ين لك ومن ذريتنا أمة مؤمن ة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم " وقوله "ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ".
قولهم فى سورة آل عمران "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " ،وقوله أيضا "ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين "و قوله "ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن أمنوا بربكم فأمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وأتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد "وقوله"ربنا أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ".
قولهم فى سورة المائدة "ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا بالحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ".
قوله فى سورة الأعراف "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
قولهم فى سورة المؤمنون "ربنا أمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين "
قولهم فى سورة الفرقان "ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما "وقوله"ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما".
قولهم فى سورة الحشر"ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا إلا للذين أمنوا إنك رؤف رحيم "
الثانى الأدعية فردية وهى التى قالها واحد من المؤمن ين فى موقف ما ومن أمثلتها:
قول إبراهيم (ص) فى سورة البقرة "رب اجعل هذا البلد أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن منهم بالله واليوم الأخر"و"رب أرنى كيف تحى الموتى ".
قول امرأة عمران (ص) فى سورة آل عمران "رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم "وعلى لسان زكريا (ص)"رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ".
قوله موسى(ص) فى سورة الأعراف "رب أرنى أنظر إليك "ورب اغفر لى ولأخى وأدخلنا فى رحمتك وأنت أرحم الراحمين ".
قول يوسف (ص) فى سورة يوسف رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين "و"رب قد أتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولى فى الدنيا والأخرة توفنى مؤمن ا وألحقنى بالصالحين ".
قول زكريا (ص)فى سورة مريم "رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ".
قول أيوب (ص) فى سورة الأنبياء "أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين "وقوله على لسان يونس (ص)"أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين "وعلى لسان زكريا(ص)"رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين ".
قول محمد(ص)"فى سورة المؤمنون "رب إما ترينى ما يوعدون رب فلا تجعلنى فى القوم الظالمين "و"رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون "
قول لوط(ص)"فى سورة العنكبوت "رب انصرنى على القوم المفسدين ".
قول سليمان (ص) فى سورة ص "رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب ".
دعاء الكفار :
ذكر الله للكفار أدعية على نوعين :
الأول الدعاء فى الأخرة ومن امثلته قولهم فى سورة الأعراف "ربنا هؤلاء أضلونا فأتهم عذابا ضعفا من النار " وهو طلب من الكفار الضعاف من الله أن يزيد العذاب للكبار والأدعية الآخروية للكفار لا يجيب الله منها شىء لقوله سبحانه بسورة غافر
" فادعوا وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال"
الثانى الدعاء فى الدنيا ومن أمثلته :
طلب الكفار إنزال حجارة عليهم أو عذاب أليم من نوع سوى الحجارة إن كان القرآن هو الحق من عند الله وفى هذا قال فى سورة الأنفال "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ".
ومن أمثلته طلب كفار سبأ المباعدة بين الأسفار والمقصود تطويل مسافات السفر وفى هذا قال فى سورة سبأ "ربنا باعد بين أسفارنا ".
ومن أمثلته طلب كفار مكة كشف العذاب الدخان عنهم وفى هذا قال سبحانه فى سورة الدخان "ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون "
وأدعية الكفار فى الدتيا يحقق الله منها ما شاء ويرفض ما شاء كما قال سبحانه بسورة الأنعام:
"بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون"
لمن نتوجه بالدعاء؟
نتوجه بالدعاء لله سبحانه وتعالى والعلة أنه المالك الوحيد لما نطلبه منه ومن ثم يحرم دعاء غير الله لأن الطلب يكون ممن يملك وليس من المخلوق المملوك وضد بين الله للمؤمنين أنه يعطيهم من كل ما يسألونه وهو ما يطلبونه حسب ما قضى عنده فى كتاب القضاء والقدر وفى هذا قال سبحانه بسورة إبراهيم "وأتاكم من كل ما سألتموه "
ولو بحثنا فى أدعية القرآن جميعا لوجدنا أن الجميع يتوجه إلى الله دون وسيط يرفع الدعاء لله وإنما يتوجهون لله مباشرة .
إن الكفار يدعون الآلهة المزعومة رغم أنها لا تملك كشف الضرر وهو تحويل الأذى عنهم وفى هذا قال سبحانه فى سورة الإسراء "قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا "وقد بين الله لنا أن الآلهة المزعومة عبارة عن مخلوقات تهدف فى علاقتها بالله إلى ابتغاء الوسيلة أى طلب الطريقة الموصلة إلى ثواب الله والبعد عن عذاب الله وقد فسر الله ذلك بأنهم يهدفون لنيل رحمة الله والبعد عن عذابه وهذا يعنى أنهم ليسوا آلهة حتى يدعوهم الكفار عند الضرر أو غيره وفى هذا قال سبحانه فى سورة الإسراء "أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب يرجون رحمته ويخافون عذابه ".
سبب الدعاء :
إن سبب دعاء الله هو حاجتنا إليه والمقصود أننا فقراء إلى الله فسبب الدعاء الفقر وهو الحاجة لما عند الله وفى هذا قال سبحانه فى سورة فاطر "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد ".
أهداف الفرد من الدعاء :
أهداف الإنسان من الدعاء واحد من ثلاثة:
الأول طلب الخير وهو الفائدة أيا كان نوعها لنفس الداعى أو لغيره من الناس أو له ولغيره وفى هذا قال سبحانه فى سورة فصلت:
"لا يسأم الإنسان من دعاء الخير"
ومن أمثلته دعاء سليمان(ص) فىسورة ص:
"رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب ".
الثانى طلب كشف السوء أى طلب إزالة الأذى أى الضرر عن النفس أو الغير أو عنهما معا وفى هذا قال سبحانه فى سورة النمل:
"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء "
وفى هذا قال سبحانه فى سورة الزمر:
"وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه "
ومن أمثلته دعاء أيوب(ص) فى سورة الأنبياء "وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين "
الثالث أن يدعو بالخير لنفسه ومن يحبهم ويدعو بالشر على عدوه وقومه وفى هذا قال سبحانه فى سورة الإسراء:
"ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير"
ومن أمثلته دعاء المؤمن ين فى سورة البقرة:
"ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"
مجيب الدعاء هو الله :
إن المجيب وهو المحقق للمطلوب منه وفى هذا قال سبحانه فى سورة النمل "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ".
الكافر والدعاء عند إصابته بالضرر :
إن الكافر إذا تعرض للضرر يدعو الله أى يطلب من الله رفع الضرر بإخلاص وهو يتخذ شكل هو الدعاء العريض أى المستمر ما دام الضرر موجودا فإذا ذهب الضرر ينسى الكافر الله ويعود لكفره وشركه وقد ذكرت هذا الحقيقة فى سور عدة منها قوله فى سورة فصلت "وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض "وقوله فى سورة يونس "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ".
هل يجوز الدعاء بالضر على النفس ؟
أباح الله للمؤمن أن يدعو على نفسه والمراد أن يطلب من الله أن ينزل به أذى معين والشرط فى هذا الدعاء أن يوجد المؤمن فى موقف يضره فى الدنيا والأخرة والمثال الوحيد فى القرآن هو يوسف (ص)عندما وجد نفسه فى موقف خطر إن استجاب لطلب امرأة العزيز ونساء المدينة له بالزنى واستجابته لهن تعنى أن يخسر الدنيا والأخرة ومن ثم اختار أن يدعو على نفسه فطلب من الله ضرر دنيوى هو أن يسجن لأن السجن سيبعده عن عصيان الله بالزنى الجالب للخسارة فى الدنيا والأخرة لذا طلب من الله أن يسهل سجنه لأنه خير له من القيام بالزنى وفى هذا قال سبحانه فى سورة يوسف "قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين "
إذا الدعاء بالاذى على النفس مباح فى حالة واحدة هى أن يوجد المؤمن فى موقف دنيوى يجعله يرتكب جريمة ما تجعله يخسر أخرته .
جسم الإنسان عند الدعاء :
بين الله أن الإنسان يدعو الله على حال من ثلاثة:
الأول وهو راقد على أى جنب والجنب يعنى اليمن واليسار والظهر والبطن
الثانى وهو قاعد أى جالس أى جلسة على المقعدة أو على الأرجل أو على كرسى أو على غير ذلك
الثالث وهو قائم أى واقف على قدميه أو على قدم واحدة
وفى هذا قال سبحانه فى سورة يونس "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما "